أبعدَ مِنَ .. المجزرة

لا .. ليست مجازرُ اللَّحم البَشريِّ المحروق بمئات الضحايا البشرية في غزَّة كُلَّ يوم هي القصد بذاتها ..! و ليس استشراسُ الوحش الصهيوني فيها وإيغاله في نهش الأبرياء على مرأى ومَسمع العالَم كُلِّه وبِالصورة الحيَّة الناطقة .. هو الغاية .. وليست الإبادةُ بأبشع صورهاللإنسان في غزَّة هي الهدف النهائي للوحش الذي يفتك بأطفالها وأبريائها ..!

الذي يعتملُ في داخل الوحش الصهيوني المريضِ بالعنف والدماء والأشلاء البشرية .. هو  ما  يجعلُ إمكانيةَ وجودهِ واستمراريَّتَهُ ممكنةً على هذه الأرض ..! 
هو الفسادُ والإفساد .. هو التخريبُ و القتل .لا للتخريب والقتل  .. بل للبقاء ..!

بقاءُ هذا المستوحش المريض ب- عقيدة – التوحُّش والفتك والدِّماء .. هو بالتوحُّشِ والفتكِ  والدماء .. !هو بالمجازر  والحروب والقتل .. هو بالعنف والخراب .. هذه هي مادَّة حياتهِ المريضة التي تَكوَّنَ منها ويعيشُ فيها ولها  .. هذا هو الهدفُ والغاية لكلِّ ما يفعله من تمزيقٍ يومي للضمير البشري .. وللكرامة البشرية .. وما يتفنَّنُ به مِن تخريب للإنسان وفِطرته الإنسانية .. وما اعتاد عليه من فعل المجازر و رؤية الأشلاء البشرية في غزَّة وسِواها .. و ما يجعلهُ يَخرُّ  على قفاه إزاءها مزهوَّاً ممتلئاً بنَشوة الوَحش في إبادة الإنسان ..!

ولكنْ ..  لماذا بقاؤهُ واستمراريته .. هل هذا يعني هذا شيئاً ..؟ نعم ..
و هذا هو السؤال ، وجواب اللُّغز  هنا :

وُجِدَ هذا الكيان وتكوَّنَ مِن مَادة الفَساد و – عقيدتها –  ليكونَ الفَسادُ سببَ بقائِه ِ كما قلنا  ..
ولكن  لماذا بقاؤه ؟
الجواب البسيط : لِيُفسِدَ في  الأرض .. ليعيثَ فيها تخريباً وقتلاً وخراباً .. هذه معادلة الصهاينة ببساطة : 

وُجدوا بالفَسادِ ويعيشوا على الفَساد وذلك لِيفسدوا ..!

و ببساطة أيضاً ندرك أنَّ الذين أوجدوا هذا الكيان المُفسِد هو لِغَرضِهم الكبير .. وهو السيطرة  والهيمنةُ على العالَم .. الغربُ  بنظامهِ السياسي و الاجتماعي الماديُّ العِلماني الذي يؤمنُ بالقوة – فقط – سبيلاً للسيطرة والهيمنة وبالتالي الاستحواذ على كُلِّ مقدَّرات الأرض لِصالحِ أنانيَّتهم  وتطوُّرهم الماديِّ الصِّناعي ورفاهيَّتهم ..هو ما جَعلهم يُنشؤونَ هذا الكيان الصهيوني ليكونَ رأس حربتهم وشوكتهم السَّامَّة في صدر أعدائهم ..!
ومن أعداؤهم إلَّا الذين يؤمنونَ بالله .. و يدعونَ إلى الخير والعدل والمساواة بين النَّاس .. ؟!
مَن أعداؤهم الألِدَّاءُ إلَّا نحنُ – العربَ والمسلمينَ –  أصحابَ هذه المبادئ الإنسانية السَّمحة .. ؟! وكيف ونحن في أفضلِ مواقع العالَم على الأرض ..؟ وكيفَ ونحنُ بلادُ خيرات وثَرَوات لا تنضُب ..؟

ولكي لا نُطيل .. نقولُ إننا نستطيع الآن أن ندركَ بوعي أكبر الحقيقةَ .. نستطيعُ أن نُدركَ أنَّ دماءَ أهلِ غزَّةَ وأطفالِها وتضحياتِ شعبِ فلسطين في القُدس وعلى كلِّ شِبر من أرضها المُقدَّسة ، هي السِّياج ُالذي يحمينا..  نحن العربَ والمسلمين .. بقوة الله تعالى .. من امتداد مَخالبِ الوحش الصهيوني بفسادِهِ أكثر فأكثر في شعوبنا وبلادنا .. وأنَّ المقاومةَ الأسطورية لشعبِنا البطلِ في فلسطين هي خَطُّ  الدِّفاع الأوَّلِ عن  عن حياتنا كراماً .. و عن وجودنا أحراراً  .. نعيشُ إنسانية وحرِّية وكرامة  هي حقُّنا الطبيعي الذي خُلقنا عليه

و من هنا نعي وندرك بالنتيجة .. أنَّ هذه المقاومةَ البطولية الاستثنائية وهذه الصمودَ الذي سَيسطِّرُهُ التاريخُ مدرسةً للأجيال .. إيماناً وثباتاً وصبراً ، ومصابرةً و عزيمة .. وجهاداً باسلاً و كفاحاً نادراً .. هي الصخرةُ الصلبةُ  .. والعقبةُ الكؤود .. والجبلُ الراسخُ الأشم .. الذي يقف – وحده في الميدان – ضدَّ المشروع الماديِّ العِلمَانيِّ .. مَشروع السَّيطرة على الإنسان وخيراتِهِ ..مشروعِ الهَيمنة بقوة المال والتدمير والفتك – بأيِّ قوة كانت – على العالَم  .. !
ولذلك بدأ يصحُو الأحرارُ في هذا العالَم و صاروا يقفون مع الحق وأهله الصامدين في فلسطين .. لأنهم  عرفوا
حقيقةَ ما يُهَدِّد الإنسانية .. وحقيقةَ أولئكِ العزَّلِ الذين يَصدُّون بِدمائهم وما استطاعوا من قُوة بأسَ المُفسدين في الأرض ..!

هي معركة الخير والشر .. معركة الحقِّ والباطل .. تتجسَّد على أرض فلسطين اليوم ..!

و لأننا المَعنيُّون الأساس بوجودنا وحقِّنا .. فلم يَعُدْ مقبولاً أن نقفَ مَذهولين ولا مكسوري الخاطرِ .. مُستجدين العطف – من صانعي هذا الوحش – ؟؟!!

بل الآن دورنا لأنَّ هذه رسالتُنا الإنسانية وأمانتُنا على الأرض ..

الآنَ .. و قد تجسَّد لنا الحقُّ و تبيَّن لنا واتَّضحَ أنَّ الإخلاصَ للحقِّ والإيمانَ الصادق لا يُهزَم  ..

الآنَ ..سينهضُ الفردُ فينا ليبدأ ويعملَ شيئاً .. ولاشكَّ أنَّ الكثيرين بدأوا يعملون ..

الآن ستقومُ أخي وتنهض .. لِتعملَ شيئاً واعياً تُعَزِّزُ بهِ صمودَ أهلنا في فلسطين ..و لتدافعَ عملياً عن نفسك ومبدئك وبلادك ..

قُم الآنَ خَطِّط لمُستقبَلِكَ بِعِلمية وتوكُّلٍ حَقٍ على الله تعالى ..

قُمْ .. وادرسْ وتعلَّم .. قم الآنَ وتصدَّق في سبيل الله لنصرتهم .. أغثهم وأغث فقيراً أو مسكيناً مِن أمَّتك  ..

قُم الآن وتوضأ واسجدْ للهِ وادعُ لك ولأهلك بالهداية ولهُم بالثبات .. قُم الآن  وبِرَّ والديك .. قُم الآن وصِلْ رحِمَك ..

قُم الآن وعاهدْ نفسَكَ أن  تقولَ الحقَّ .. و أن لا تغتابَ ولا تظنَّ سوءاً بمؤمن .. انهض الآن و توضأ وافتح كتابَ الله العزيز وانتعشْ وتدبَّر وتأمَّل .. وعِشْ نورَ الهداية و استرشد طريقَ الفلاح ..

انهض الآن ودَع اللَّغوَ  .. ومجالسَ اللَّهوِ  .. وابتعدْ عَن استهلاكِ الوقت بمتابعة مَكبَّاتِ الشاشات الزرقاء كما يحلو لعدوكَ أن تفعل .. بل استفد مِنْ تقنياتها بما هو في صالحِكَ عِلماً ووعياً وخُلقاً حَسناً ، وبما يُطوِّر مهاراتِكَ و يزيدُ خبرتَك .

قُم الآن ياابني وأخي واقرأ ما تُوسِّعُ به مداركَكَ .. وما يُغني تجاربَك في الحياة ..

واعلمْ أنَّكَ بِقدراتِك المُختزنة فيك وبما تملكُ مِن مواهبَ ومَلَكاتٍ .. بإيمانكَ القويِّ .. وبعملِكَ الواعي المخلص الصالحِ .. أنتَ أذكى منهُم وأبرعَ مِن داعميهم و أنشطَ ذهناً وأكثرَ جَلَداً .. فَضلاً عن كونك َأنبَلَ هدفاً وعطاءً ..

قُم الآن وتغيَّر نحو الأفضل  ..

هذا هو سبيلٌ من سبُل القوة فينا التي نُرهبُ بِهِ عَدوَّ الله وعدُوَّنا .. وتَصدُّهُ عنَّا وتُقَوي لُحمَتَنا .. وتزيدُنا حضاريةً وتطوراً وإنسانية .. وتساهمُ في وصولنا غاياتِنا المُثلى في العيشِ الكريم وفي الحُريَّة والكرامة .. إذ ننتصرُ على المُفسدين في الأرض بإذن الله وعَونِهِ .. وهو سبحانَهُ الذي ينصرُ مَن ينصُرُه..

——

حسام الدين منصور

Scroll to Top