– محاورة رمزية –
أنا رمضانُ .. تعرفُني أيها الصائم ..تعرفُني أيها القائم .. أيُّها العابد لِلَّه .. تعرفُني .. عبادةً للهِ وحدَهُ لا شريكَ له.. وأنا أعرفكَ .. أعرفُ جوعَ جوفِك ، أعرف عطَشَهُ .. وأعرفُ امتلاءَ النَّفس فيك إرادةً .. وامتلاءَ السلوك فيك استقامةً.. وامتلاءَ الروح فيك سُمُواً ..
تعرفُني أيها الطائع لِله ..موسمَ خير ..أياماً مَعدوداتٍ .. فرصةً مِنْ فُرَصِ العُمر للتَّوبة ..للإنابة ..للإستغفار .. للدُّعاء .. للصَّدقات ..لبِرِّ الوالدين ..لصِلة الرحم ..لعَمل الخير ..
وأعرفُكَ أنا .. أسمعُ صوتَك المتلألئَ بتلاوةِ القُرآنِ الكريم .. أسمعُ صدى خطواتِك إلى المَساجد .. أرقُبُكَ مادَّاً يدَكَ النديَّةَ إلى فقير .. و مبتسماً إلى من جَارَ عليكَ .. مُحسناً إليه بالصَّفْح والعفو ..
كأنّي أراكَ بستاناً من الخَير ملوَّنَ الأزهار نديَّ العشب الأخضر ..
كأنَّي أراكَ أيها الصائم حقلَ قمح تميسُ سنابلُه المُترعةُ بالخير مع نَسَمَاتِ الصباحِ كأنّما تَرجِعُ بحَفِيفِها الناعم بأصداءِ المُصَلِّين في الفَجر يتلونَ كتابَ الله ويذكرون الله العظيمَ الحكيم ..
أنتَ تعرفُني يا عابدَ الله الكريمِ .. رحمةً ولو بدَتْ فِيَّ مَشَقَّةٌ .. ووسيلةً للمَغفرة والعِتْقِ من النّار .. ولو أزَحتُ عن وجهَكَ – قليلاً – دُنيا تُحبّها.. في طعام وشراب ونوم طويل وو..
وتعرفُ أنني أُريدكَ بإذنِ الله رجلاً أقوى على الشَّهواتِ وأمتنَ على الأهواءِ .. وأمضى في المُلِمَّاتِ .. وأصدقَ في القَولِ ..وأثبتَ على الحقِّ .. وأخلصَ في العباداتِ والطّاعاتِ .. وأليَنَ في المُعاملاتِ .. وأرأفَ معَ الأهل والجيران .. وألطفَ مع النّاس والأرحام .. وأكثر صفحاً وعفواً ..
تعرفني أيُّها الصائم .. كم أحبُّ فيكَ أن تكونَ قِمَّةً في التقوى و الإيمان ..و ذُروةً في الخير الإحسان .. لتُتَوِّج ذلك كلّه مَعيَّةً مع الله .. فكم قرأتَ هذه الآيةَ الكريمةَ .. وكم عليكَ الآنَ أنْ تعيشَها .. :
(( إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذينَ اتَّقَواْ وَّالَّذينَ هُم مُحْسِنُونَ ))
سورة النحل/ الآية 128
عِشْها لِتكونَ مُطمَئنَّ القلبِ آمناً .. على اللَّه متوكِّلاً ..
عِشْها لتكونَ بالطَّاعةِ لله وحدَهُ سعيداً ..
فَبِالصِّيام والقِيَام والطََاعة للهِ .. والإحسانِ .. أنتَ أقوى إيماناٍ وأصلب .. َوأنتَ إلى ربِّكَ ورَحمتِهِ وتَوفِيقِهِ .. إنْ شاءَ الله .. أَقرَب
حسام الدين منصور
رمضان 1443