الصِّيام .. نظرةٌ في العبادة

هل رأيتَ أحداً يأكلُ – مثلاً – وهو يصلِّي ..؟ هل رأيت مُصلياً يتحدث في صلاته إلى أحدٍ أو يغتابُ أحداً أو يفعل مُنكراً ما ..؟ بالطبع فالجواب لا .. لأنَّ تلك الأعمال تُبطلُ الصلاة فالصلاة عبادة مثلَ كلِّ العبادات لها مُبطلاتها .. ولها أساساً شروطها حتى تكونَ صحيحةً ومقبولةً بإذن الله . ولأنَّ العبادة الخالصة للهِ تعالى لا يجوزُ أن يتخلَّلها خطأ أو مُنكر أو أذى .. فنحنُ إذاً في الصلاة مثلاً .. لا نغتابُ ولا نمدُّ أعيننا بنظرةٍ حرام ولا نقومُ بعملٍ فيه مثلاً فُحش أو فجور أو أو.. والعياذ بالله .. وكذكَ في الحج ( فلا رَفَثَ ولا فُسوقَ ولا جِدالَ في الحَج ) و كذا في الزَّكاة فلا بُدَّ أن تكون من مالٍ حلال طاهر من كلِّ شائبة والصَّدقة أيضاً وأن لا نمنَّ بها أو نؤذي فنُبطلها ( لا تُبطِلوا صدَقاتكم بالمَنِّ والأذى )

طيِّب .. وفي الصيام

ثمَّة شيءٌ في الصيام الذي نحنُ نعيشُهُ والحمدُ للهِ ونُؤدِّيه طاعةً لله .. قد لا نَشعرُ به أو ندركُ بدقَّةٍ حقيقتَهُ وهي أنَّنا طوال وقته في عبادة لله ..عبادة مستمرة .. طوال النّهار .. أرأيتَ إلى الصلاة كما ذكرنا لها أوقاتها وركعاتها .. ثم نذهب لشؤوننا اليومية نبتغي من فضل الله .. والزَّكاة والصَدَقَةُ تُعطى لمُستحقيها .. ونتابع حركة حياتنا ..والحج كذلك له وقتُ أداءِ فريضته – في أيامٍ معلومات -.. (( وهنا نتحدَّثُ عن وقت أداء العبادات طبعاً وليس عن إستمرارية نُورِها ومقاصدها فينا وفي حركة حياتنا عموماً التي لابُدَّ أن تكون مُنعَكِسَةً على كلِّ أعمالنا صلاحاً وهداية ..)) إنَّما ما قد لا ننتبهُ إليه في الصيام أنَّ وقتَه ومدَّة أداء العبادة فيه مستمرٌ منذ الفجر إلى غروب الشمس .. أي أنَّنا نكون – عَمَليَّاً – في عبادة .. عبادة الصيام .. طالما نحن صائمون .. في كلُّ وقتِه نحن في عبادة .. فلا يستقيم إذاً – كما في أثناء القيام بالصلاة وغيرها من العبادات – أن يَخترقُه – طيلةَ وقتِه – ما قد يسبِّب الإخلالَ بشروط صحَّته أو ببُطلانه و إنقاص أجره .. كالسَّبِّ أو فُحشٌ القول و العمل .. ولا يستقيمُ معهُ المشيُ بالنميمة ولا الغيبة ولا سوء الظنِّ ولا الرِّشوة ولا ولا .. ممَّا لا يجوز .. فنخشى أن نبطِله كما أشرنا والعياذ بالله ..

هكذا نحاول معاً أنْ ندركَ معنى الصِّيام السَّامي ونفهَمَه أكثر ونحرصُ على أدائِهِ متكاملاً ما استطعنا بعون الله .. واسمع أخي الصائم واسمعي أختنا الصائمة الكريمة إن أحببتم ..

حديثا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :

عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:

(( رُبَّ صائمٍ لَيْسَ لهُ من صيامِه إلَّا الجوع، ورُبَّ قائم ليسَ لهُ من قيامه إلا السَّهَر)) (رواه ابن ماجه وصححه الألباني)
وعن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قال

قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم:
«من لمْ يَدَعْ قَوْلَ الزّور والعَمَل به، فليسَ للهِ حاجةٌ في أنْ يدَعَ طعامَهُ وشرابَه» (رواه البخاري)

أرأيتم .. كم لهذه العبادة – التي هي أساساً بين العبد وربِّه فَلا يدري بِصِدْقِها إلَّا اللهُ تعالى – كم لها من مزايا تجعلُنا نستبشر بإذنِ اللهِ بثوابها العظيم الذي بَشَّر اللهُ الكريمُ العظيمُ عبادَه الصائمين به .. فنسعى للصيام الحقِّ إيماناً واحتساباً ونَسْعَدَ ونستبشر ونحن نقرأ الحديث القدسي :


عن أبي هريرة رضي الله عنه

أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ:
« كلُّ عمَل ابنِ آدم لهُ إلَّا الصيام، فإنَّه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، فإذا كان يومُ صَومِ أحدِكُم، فلا يرفث يومئذ ولا يصخَب، فإن سَابَّهُ أحدٌ أو قاتَلهُ، فليقُل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده، لخُلوفُ فَم الصَّائم أطيبُ عندَ اللهِ، يوم القيامة، من ريح المِسْك» (رواه البخاري ومسلم )

فهَنيئاً هَنيئاً .. للصائمين

===================
حسام الدين منصور
رمضان 1443

Scroll to Top