بَينَ يَدَي رمضان.. -نصائحُ – مَحبَّةٍ – للصائمين


كُلُّنا يُريدُ أن يعيشَ إن شاء الله رمضانَ كموسمٍ لِتَذوُّقِ حلاوةِ الطَّاعة والعبادةِ للهِ تعالى .. راحةً وعافيةً و رُقِيَّاً وسُمواً وطمأنينة وسعادة ؟؟! .. كُلّنا يُريدُ أنْ لا يَجهَدَ في الصيام و أن لا يَشعرَ بكَسلٍ في الجسم أو ألم في المعدة..؟

تعال نقرأ هذه النصائح عسى فيها خيرٌ بإذن الله ..

كلمات سريعة مفيدة إن شاء الله ..

١- لا تُختصَرُ الصِّحة في رمضان – كما قد نظنُّ خطأً – في كُلْ ولا تأكُلْ ..! فغايةُ الصيام أن تكون إنساناً تقيَّاً .. و صحيح الجسم قوياً..
٢-ليس الإنسانُ وجِسْمُهُ مَعِدةً فقط ينتهي عندها الصيام ..! فبإفراغ المعدة وجوعها .. إملاءٌ للنفس بالإرادة .. وإسعادٌ للروح بالعبادة ..
٣- ليستْ معدتُكَ بمَعزِلٍ عن باقي أجهزة جسمك..! فَصِحَّتُها بالصيام صحةٌ لأجهزةِ الجسم كُلّه، وتجدّد فيها .. ووقايةٌ من الأسقام

أساسيات في الصيام*
-الصيام عبادةٌ للهِ تعالى وكلُّ عبادة هي نفعٌ للنّاس في الدنيا والآخرة بإذن الله . ( يعني ، نحن لا نجوع ونعطش في الصيام .. هكذا بلا معنىً وهدفٍ كبير .. نحن نتركُ الطعامَ والشرابَ والشهوةَ المباحة ..وقتَ الصيام .. طاعةً لله وإستجابةً لَه .. إبتغاءَ رضاهُ سبحانهُ والمثوبةَ منه تعالى والأجرَ العظيم إن شاء الله ..هذا هو الأساس .. ثُمَّ عُدَّ مع الأجر .. ما شِئتَ من فوائدَ للجسم والنَّفس والرّوح ..)
-الصيام عبادةٌ متكاملة .. مثلما يتعلَّق بالبدن والجسم – بالنسبة للطعام والشراب والشهوة المباحة- فهو يتعلّق بالنّفس وراحتها وطمأنينتها ، وبالرّوح وسمُّوها وسعادتها.

عن صِحَّة المَعِدَة والجسم :

-فليس الماءُ – وهذا ما تؤكِّدهُ دراسات علمية – يُؤلِم من يشكو ألمَ المعدة .. عند الإفطار مثلاً …. بل السببُ هو ما قد يكون لديه مِن إشكالاتٍ صحيَّة في جهازه الهضمي .. وعموماً فإنَّ برودة الماء أيضاً تسبِّبُ – أو تزيد من حِدَّة – هذا الألم .. فافطر أخي الصائم – خاصة إن كنت تعاني من – مشكلة هضمية – على ماء فاتر حفظكََ الله

-كذلكَ ليستْ التوابلُ وما شابهها في الطعام تُثيرُ ألم المعدة .. بالشكل الطبيعي المعتاد وبكمية محدودة و دون زيادة أو إسراف .. فكثيرون يضعونها في طعامهم ولها بذلكَ فوائدها الكثيرة .. لكنََّ الذي يشكو من أعراضٍ مزعجةٍ ما .. في غشاء معدته المخاطي أو في الكولون على سبيل المثال .. فَسَتُهَيِّجُهُ التوابل ويتألَّم ..! فليقلِّل منها مااستطاع وليستبدل بها توابل غير حارة كالكُركُم ونحوه ..

و(يُفضَّل أن يراجعَ طبيبَه من يشكو من تلك الإشكالات الهضمية قبل بداية رمضان لأخذ النصيحة المناسبة.)

-سِرُّ وأساسُ راحةِ المعدة من الألم للمريض والسليم في الصيام وفي غير الصيام يُختزَلُ ويَظهرُ جليّاً في قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : (( ما ملأ ابنُ آدمَ وعاءً شراً من بطن، بِحسْب امرئ أكلات يُقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثُلُثٌ لِطعامِهِ وثُلُثٌ لِشرابِهِ وثُلُثٌ لنَفَسِه )) والحديث في كتاب الأربعين النووية -فلا تمْلأ معدتك – عموماً – و كُلُ أخي بوَعي ونظام واحفظ جسمك ونفسك ..
ولا تنسَ أنَّكَ تقوم بعبادة تصوم فيها عن الطعام والشراب .. فلا تُفسِدُ في طعام الليل ما تحمَّلْتَه في صيام النهار .. حتَّى تتمتَّع بما تجنيه بالصيام من فوائد لجسمك ونفسك ..

عجِّل بالفطر عند أذان المغرب ولا تؤخِّره .. وافطر على رُطَبٍ أو تمر أو قليل من الماء ..

ثم اتركْ الطعامَ مدة بسيطة ممكن أن تصلِّي فيها المغرب وسنَّته مثلاً ثم عُد إلى طعامك فكُلْ دون شِبَع ودون تُخمة ثم قُم واذهَبْ لصلاة العشاء والتراويح .. وبإتِّباعك هذه الطريقة الصحيَّة بالإفطار .. وهي من الهَدي النبوي ـ أساساً – .. تتجنَّبُ إن شاء الله مشاكل التخمة وإزعاجات الهضم ..وتبقى مرتاح الجسم نشيطاً ..

-لكن إيّاك والإفطار على مياه غازية ..كالكولا وما شابه .. ففي ذلك أذىً كبير لأجهزة الجسم عند الصغار والكبار ..

– كذلك تجنّب العصائر الصناعية المليئة بالحموض وبالسّكر الزائد عند الإفطار .. فقد تؤذي المعدة وغير المعدة في جسمك .

– قَلِّل من المنبَّهات ومشروباتها في رمضان .. و ابدأ بإقلالها منذ ما قبل شهر الصيام خاصةً لمن اعتاد القهوة مثلاً في الصباح فتدرَّج بإقلال شربها مِن قَبْلِ رمضان بأسابيع فلا تُعاني الصداع الصَّباحي المزعج نتيجة لترك الكافئين بشكل مفاجيء في أيام الصيام الأولى خاصةً ..!

-من المفيد كذلكَ والهام شُرب الماء والسوائل كالعصائر الطبيعية بشكل خفيف ومتقطّع ومستمر في فترة ما بعد الإفطار إلى السّحور لتعويض ما يفقده الصائم من سوائل وأملاح معدنية خاصة في الأجواء الحارّة .

-أخِّر السُّحور إلى آخر الليل .. واحرص على تناوله ولو بتمر أو بجرعة ماء ففيه بركةٌ كما جاء في حديث النبيِّ صلَّى الله عليه وسلّم

واحرص على أن لا تنام بعد تناول الطعام مباشرة بل اترك فترة راحة لهضم الطعام بينهما .. نمْ أخي الصائم باكراً بعد التراويح لو أمكن لتستيقظ على التهجّد ..إن أحببتَ زيادة الأجر والبركة و العافية ولتناول السّحور ..

-و لابأس أن تأخذ – قيلولة- في النهار بعد عودتك من العمل مثلاً كمساحة راحة بسيطة تعوِّض فيها شيئاً ممّا فاتكَ من نوم الليل ..وتريحُ جسمَكَ ورأسَك من جهد النهار .. ما ينعكسُ نشاطاً عليكَ، وراحةً لأجهزة جسمك ، وإنتظاماً لمفرزات معدتك ..

-لا بأس بالقيام ببعض التمارين والرياضة الخفيفة كالمشي قبيل الإفطار تجدّد النشاط وتزيد لياقة الجسم ومرونة عضلاته ..

أمَّا لنَفْسِكَ وروحِك *

فالصيام وِجاءٌ عن الشهوات ..يُريح النّفس ، و يسكّن قَلقَها وإنفعالاتها .. يُطمئن القلبَ .. يسمو شفافيةً بالرّوح و يُسعدُها ..

فكيف إذا كان الصائم تالياً للقرآن الكريم ..في شهر القرآن .. و متَدبِّراً له ..

كيف إن كان يتعاهد الفقراء والمحتاجين .. ولاسيّما من الأقربين .. بالمعروف وبالصَّدَقات وأعمَال الخير في موسم الخير ..

كيف وقدْ طَهُرَ لسانُه عن المُوبقات وطهُرَ قلبُه عن الغِلِّ ومشاعرِ السوء .. كيف وقد صارت صلاتُه في خشوعٍ.. تنهاهُ عن الفحشاء والمنكر ..

كيف وقد صار لسانُه رطباً بذكر الله ويدُه ممتدةً لعملِ الخيرات والإحسان.. -وما أجمل أن ترتادَ المساجدَ أيها الصائمُ النَّقي القلب ، النشيط النَّفس .. هنا وهناك.. في رمضان ..ما أمْكَنك .. ففي دخولها طمأنينةٌ وسكينةٌ وهدوءٌ وحلاوةٌ للرُّوح و راحةٌ للنُّفس .. وأن تفتحَ كتابَ اللهِ العزيز قبل أو بعد صلاة الجماعة وتقرأ ما تَيسّر لك من آيات الله البيّنات وتتفكّر وتتدبَّر ..

-ما أجمل أن تصلَ الأرحام .. بأي طريقة تَرتئيها تبعث على الأخوّة والوُدِّ والأُلفة .. وتعيدُ لمشاعر الرَّحم والقرابة دِفء ما بردَ – وربّما جَمُدَ – في متاهات إنشغالات الدنيا

-ما أجملَ أن تحضر مَجلسَ عِلْم في رمضان .. أو تقرأ في كتابٍ قَيِّمٍ فَتَفيدَ مِنهما ديناً ودنيا ..

-هذه الأجواءُ المباركة التي تعيشها .. إن شاء الله تعالى .. في موسم الخير الرَّمضاني.. هذا السلوك النفسي الروحي البدني المتألّق .. هو ما يشعرك بالتجديد وبالتَّجدُّد .. و هو ما تأملُ أنْ يُعيد – شَحْن – طاقة الإيمان فيكَ أخي الصائم .. فتزدادَ طمأنينةً في قلبك وسكينةً في نفسك ..وتنعكسُ هذه الرَّياضة الروحية عافيةً وسلامةً وصحّةً في جسمِك ونشاطِ ذِهْنك ..

وبعد كلِّ ذلك .. هل أعظمُ من أن تشعرَ وأنتَ صائمٌ قائم .. بقربك من ربِّك القريبِ المجيبِ الذي يُجيبُ دَعْوةَ الدَّاعِ إذا دَعاه .. فتستغفرَه و تبسط َإليه وحدَهُ حاجتَك .. تدعوا لكَ ولأمَّةِ سيِّدنا مُحمَّد صَلَّى الله عليه وسلَّم ..وتُؤمنَ يقيناً بأنَّهُ القَادرُ وحدَه سبحانهُ على إجابتِك وإعطائِك سؤلَك ..

فأيُّ حلاوة للإيمان هذه .. وأيُّ سعادة للطَّاعة تلك .. وأيُّ غذاءٍ للرُّوح في صيامِك أيُّها المؤمن الصادق الصائم سيكون ..؟! وبأيُّ فَضْلٍ من الكريم الرَّحمن الرَّحيم ستَحظى بإذن الله .. وبأيِّ أجرٍ من الوهَّاب المنّان إن شاء اللهُ ستفوز..؟

=====================
20/03/2022
د. حسام الدين منصور

Scroll to Top