تَفَكَّرْ و تأمَّلْ .. وادْخُلْ مَلَكُوتَ الطُّمأنِينَةِ والسَّعَادَةِ ..

في سورة يونس وفي آياتها البيّنات – مثلما في القرآن العظيم المُعجز ..(وآياته الكريمة )..

كثيراً ما تدعونا آياتُه الكريمةً إلى التفكّر والتأمل في بديع صُنع الله تعالى وخلقه في السموات والأرض .. تدفعُنا وتحثُّنا لِنَكونَ من أُولي الألباب بتفكّرهم و تأمّلهم و تدبّرهم ..

فهذا التَّفَكُّر والتأمّل والتدبًُر سيزيد إيماننا ويكون وسيلة لتقوية هذا الإيمان بالله تعالى الخالق العظيم .. ويجعلنا من المُتَيقِّنين ..الواعين الحق .. والمهتدين .. و يسمو بنا إلى مستوى معرفة العارفين ويرتقي بنا إلى مراتِب قُرب المقرَّبين .. والله أعلم …

و اللَّفتة هنا هي نتيجة رائعة من نتائج ذلك ، و مآل من أجمل مآلاتهِ … إنَّها .. الطُّمأنينة .. إنّها الولوج بالعلم والمعرفة والإيمان واليقين إلى رحابها وتذوِّق كُنْهِها.. !

وما أعلاها وأسماها وأرفعها من درجة يصلُها المؤمنون المتيقنون العارفون ..

تعالَ نقرأ .. و نستمعُ بتدبّر إلى قولَهُ سُبحانه في سورة يونس:
( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ) (6)

ألا تُحِسُّ وأنتَ ترى بعينك .. وتبصر ببصيرتك هذه الحقائق الكونية الثابتة النّاصعة الكاملة الوضوح .. أنّكَ أمام خَلقٍْ معجز .. أمامَ كَون بديع ..لا تفاوتَ فيه ولا فُطور .. لا اختلافٌ فيه ولا اضطراب ..لا نقصٌ فيه ولا خلَلَ ولا ضعف .. بل نظامٌ مُعجز متَّسق دقيقٌ إلى أعلى درجة الإعجاز والاتِّساق والدِّقة .. والقوَّة والعَظَمة .. وآيات إعجازه غايةٌ في الجمالِ والرَّوعة والكمال ..! ؟


إلى ماذا يُسْلِمُكَ هذا ..؟ أَإلى غيرِ الإيمانِ اليقيني بالخالقِ العظيم سُبحانه .. بالله الرَّحمن الرّحيم .. ؟

أَوَلا يُسْلِمُكَ هذا الذي تَرى وتعي وتحاول فهمَهُ والتأمّلَ والتفكّر فيه .. إلى شعورٍ بأنَّك في كَون يسيرُ بثبات ونظام مُحكَم لا وَهْن فيه ولا خطأ أبداً .. فيحمِلَكَ على جناح الرَّحمة إلى رحاب وفضاء السَّكينة والطُّمأنينة البديع ..؟! كأنَّك مثلاً كراكبِ البحر على ظهر سفينة يخاف الموج والرياح ووهن بناء السفينة ..! فإذا هو ينظر ويرى .. فإذا الماء ساكنٌ هادئٌ جميلٌ .. والريح ساكنةٌ إلّا من نُسيمات عِذاب .. و ينظرُ وينظُر .. فإذا بِناء السفينة مُحكم قويٌ متين ..! و إذا معَهُ قائد لِلسفينة ..بَحَّارٌ محنَّكٌ ذو خبرة وحِرَفيّة كبيرة .. ! فماذا بعد ذلك إلّا أنْ يستلقيَ تحت شمس لطيفة الدفء على ظَهر مركبه .. هادئاً واثقاً مطمَئناً مستمتعاً ..وسعيداً ..!؟

كذلك أنتَ .. والحياةُ اضطرابٌ وهمومٌ ومشاكل ُ ولّأْواءٌ .. ومشقَّاتٌ وأحزانٌ ومخاوف وو. .. إذا بكَ تعي وتفهم .. وترى و تُبصر وتتأمّل كيف تسير الحياة في الحقيقة .. كيفَ بسير هذا الكونُ المُحكم النظام .. الدقيق الحركة ..الثابت السُّنَنِ والقوانين .. فَيُضيُ في قلبكَ نور الإيمان واليقين .. وتُشرق في نفسِكَ شمسُ الهداية .. وتعرف قُدرةَ الحكيمِ الخبيرِ .. وتشعُرُ برحمة الرَّحمن الرَّحيم البَصير .. وتُحِسُّ بلُطف اللطيف الخبير .. فتسكُنُ نفسُكَ وترتاح .. ويطمئنُّ قلبُك ويزول عنك القلق .. ويعدأُ رَوعُكَ .. ويذهب عنكَ الحُزن ويختفي الخوف .. !

إنَّ الذي يُسيِّر الكونَ بإعجاز خَلْقِهِ ورحمتهِ وقُدرتِه على كًُلِّ شيء .. هو الذي يُدبِّر أمر دنياك وحياتَك .. هو الذي يرزقكَ ويُعافيكَ ويَحفظكَ .. هو الذي يهبُكَ الأمنَ والسَّلامةَ التي ترجو ..

واقرأ معي .. إذا أحببتَ .. ولْنستمعَْ مُبتهجين بحلاوة التفكُّرِ والتأمّل .. إلى الآياتِ البيِّنات التالية من – سورة يونس – نفسِها ..

فعسى نُدركُ و نُؤمنَُ بقُوَّةٍ .. و نَعي ونَفْهم .. ونَرتقي بالقرآن الكريم ونَنْعَم :

قال تعالى : {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) (32)

سبحان الله .. سبحان الله العظيم ..

هُنا غايةُ غاياتِ النّاس.. هُنا أغلى أمانيهم .. هُنا أصدقُ رجاءاتهم ..! في تأمّلنا فيما حَولَنا .. وتفكَّرنا في آيات السَّموات والأرض .. إيمانٌ حقٌ ويَقينْ ..طمأنينةُ قلبٍ .. وأمْنُ نَفْسٍ وراحةُ صَدْرٍ .. و سعادةٌ للرُّوح .. هُنا .. والله أعلم

=================
حسام الدين منصور
19 رمضان 1444
10نيسان/ 2023

Scroll to Top