كانَتْ بالأمسِ أغصاناً جرداء -1-

كانَتْ أغصاناً جرداءَ حتى قبل أيّام أو أسابيع قليلة تتفرّع من جَذع شجرة كبيرة .. ثمَّ بدأت براعِم أوراقها بالبزوغ ..ثمّ كبرت البراعم ُ.. ثمّ ومِنْ بضعة أيام بدأت تتفتّحُ البراعمُ أوراقاً صغيرة يكاد زاهي خضرتها أن يكون أصفرَ متلألئاً ….ثمً بدأت هذه الوريقات تكبر على أغصانها ويتفتّح غيرها على أغصانٍ أخريات .. ما هذا..؟ سبحان العزيز الحكيم ..

أيُّ عمل يجري في هذه الشجرة .. أيُّ- ورشة- عمل تعمل فيها ..؟! ليكونَ كلُّ ذلك على مرأى العين والبصر وعلى إستحسان النَّفْسِ وبهجة الفؤاد..؟؟! يدفعُك فضولٌ عِلْمي وإدراكيٌ وتأمّلٌ إيماني ..لتسأل.. تُرى أيُّ طاقة تُبذَل ليصيرَ هذا..؟ ومن أين هذه الطاقة ..؟ ومن أين وقودُها..وكم هي وكم حجم وقودها وما هو .. ما نوعه ..ما طبيعته..؟ عملٌ يصير أمام عينيكَ تراهُ وتلمَسُهُ بالجوارح والأحاسيس .. عملٌ مستمرٌ .. مُنتِج ..!

لا شكّ إذاً أنَّ ثمّة طاقةً حيويةً وراء إخراجه على هذا الشكل .. هنا أنت لا تسأل بالطَّبعِ عن تفاصيل هذا العمل الحيوي ولا عن تفاعلاته الحيوية الكيميائية ولا عن حركة ذرات خلايا النبات هذا وأوراقه ولا عن معنى اللون المتنوّع بين الأشجار ولا عن ثمارها وتنوّعها ولا عن عبَق الزهر وعطر الورد ولا عن طعم الثَمر المتنوّع تنوع الزهر والثمر.. أنت لا تسأل هنا عن إعجازاتٍ بكلّ معنى الكلمة تصير أمامك إذ تتأملُ في الشجر والنبات .. ! أنت تسأل نفسكَ الآن سؤالاً واحداً .. تُرى كم تحتاج شجرةٌ من طاقةٍ لينبتَ وَرَقُها وتتفتّحَ براعمها الخضراء ..؟!

تسأل عن طاقة الإنباتِ ذاته الآن وليس عن نِتاجه في إشراقِ الزهر ..أو نضج الثَّمر – هذا الإعجاز الكوني الذي سنُلقي قبساً من ضوء العلم عليه تباعاً إن شاد الله ..- سؤالكَ هنا عن طاقةِ ووَقود الإنبات في النَّبات عامة.. وفي هذه الشجرة التي تتأمل فيها بالذات ..!

كم تحتاج الشجرة الواحدة إلى طاقة ليجريَ هذا العمل فيها ويُنجَز ..؟ كم يحتاجُ هذا العمل المُنتِج ..هذا الإِنباتُ من وقود لما يجري من تفاعلاتٍ حيوية فيها وفي خلاياها لتعطي الورق الأخضر..؟ وما هو هذا الوقود ومن أين لها به ..؟

ستعرف بالدراسة البسيطة أو المُعَمَّقةُ .. أنَّ ماءَ السماءِ أساساً – سبحان البديعِ الحكيمِ القدير – هو مادَّةُ الحياة لها .. لا حياةَ لها بدونه .. وتتأمّل هنا مُتعجّباً ..الماء .. وقودٌ للإنتاج الحيوي هنا ..؟! تبارك البديع الجليل .. فأنت تعلم أنّ مصانع الأرض في كلّ مجالات إنتاجها ..ثقيلها و خفيفها .. ذاتَ وقود إنفجاري كالنفط يحترق ليعطي طاقة العمل .. وأنت ترى أنَّ الماء الذي يُطفىء النار والحريق واللهب ..هنا هو أساس الوقود ومادته الحيوية .. في إنبات الزرع والنبات مثلما هو كذلك في الكائنات الحية .. الله أكبر .. وتقف هُنا عند هذا الإعجاز ..لعلمكَ أنّ فكرتَه تحتاج للإستيعابِ والشَّرح إلى فتح مجلدات أبحاث وأبحاث ..!

وتتذكّر قول الله تعالى وتتلو مُتفكِّراً :
( وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ )
سورة النحل / الآية65

وإلى قبسٍ آخر من نور العلم والتأمل بإذن الله نُضيئهُ على إعجاز الصانع الحكيم سبحانه في إزهار الشجَر والإثمار

——
حسام الدين منصور

Scroll to Top