فَاحَتْ رائحةُ القهوةِ الصَّباحية في المكان ..
ما أزكاها من رائحةٍ.. قالوا .. لا تمَلُّها في كلِّ وقت شَمَمْتَها .. أو جالَ خيالُها على خاطِرك ..!
كان أحدُنا لا يشربُها لِأَلمٍ في مَعِدته .. نظر بعضُ الحضور إليه قائلين ..أُوووه لو تَتذَوَّقُها ..!
قالَ بكُلِّ هدوء ودماثة و بساطة .. ألَسْتُ أشُمُّها ..؟ أَلَسْتُ أشٌمُّ رائحتها الطيبة ..؟!
وتابَعَ .. بِغَضِّ النَّظر الآنَ عَنْ طبيعةِ حاسَّة الشَّم وعلاقتِها التَّكامُلِية التآزُرِيَّة التَّضافُرِية … بحاسَّة التذوُّق وغيرها من حواسِّ الجِسم في تناول الطَّعام والشراب ..فإنَّ مشاركتي لَكُم تناولَ القَهوة بِشَمِّ رائحتها العَذبة لا تَقِلُّ مُتْعَةً .. إن لم تُغْنِ .. فِعلاً عن ارتشافها وتناولها بالفم..!
إنَّنا نَغْبُنُ أنفسَنا كثيراً إنْ لَمْ نَشعرْ ونقدِّرْ نِعَمَاً كثيرةً أنعَمَهَا اللهُ تعالى علينا .. ونِعْمَتُهُ سبحانَهُ لا تُحصى إِنْ تُعَدُّ ..
وأردَفَ مُضيفاً .. لكنَّنا مع الحِرصِ على الاستمتاع بمُتَعَ نِعَمِ الجَسد – مثلاً – .. جميلٌ .. بل لا بُدَّ أن نَشْعُرَ بِسَعادة الشُّكْرِعلى النِّعَم .. شُكْرُ المُنعِمِ الكريم جَلَّ وعَلا ..علينا ..لِنَسموَ من المُتعة الحِسِّية .. إلى السَّعادة النَّفسية والرُّوحية .!
وعندها .. فقد يصيرُ فَهْمُنَا الحِرمانَ من نِعْمةٍ هو بالخير كالاستمتاعِ بها إنْ لم يكنْ أكثرَ خيراً .. والله أعلم ..
و في الحالَين فنحنُ في نِعمَة جزيلةٍ مِنَ المُنعِمِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ .. علينا ..
ما شاء الله .. قالوا بصوتٍ علا صوتَهٌ ..
وأضافوا ..أنتَ تَدخُل فينا فضاءاتِ الفِكْر .. أو الفَلسَفة مُنذ الصباح كعادتك .!؟
قال مبتسماً .. هي شيءٌ من الحقيقة لا فَلْسفَةَ فيها ..!
إنَّها مِثلُ هذا الصباح وضوحاً ..! هل تُفَلسِفُ استمتَاعكَ بِنُور الصَّباح كُلَّ يوم..؟ أَمْ تُسبِّح بِحَمْدِ الله مُشْرِقَ النَّفْسِ مُتفائلاً ..؟
قالوا معاً : سُبحان الله وبحمده .. سُبحان الله العظيم ..
نَعَم .. ما أجملَ الصباحَ ..
وتابع بعضُهم .. وما أطيَبَ القَهوةَ فيه ..!
فقالَ هو مبتسماً .. آآه .. رائحةَ القهوة ..؟!
فانفَجَرتْ ضَحِكاتٌ لطيفةٌ مِنهم .. وخرجوا إلى شُؤونِهم مسرورين.! تعلو وجوهَهَم أَماراتُ سَعادة ورضا ..وهم يَدْعُونَ:
اللهمَّ زِدنا مِنْ نِعَمِكَ وخَيركَ وفَضْلكَ الذي لا ينقطع ..
======
حسام الدين منصور