كانت الآياتُ البَيِّناتُ مِنْ سورة الصَّفِّ تنشرُ ُنورَها في ذَرَّات الأثير ..لتنفذَ في الأسماع والأفئدة الواعية بأغلى بشارة بشَّر بها نبيٌ و َرسول
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِين )
سورة الصف: 6
في هذه الأجواء القرآنية المُباركة .. و في الشَّمال الغربي من قارَّة أوروبا ..وفي العام 2022 لميلاد رسولِ الله عيسى عليه السلام .. و العام 1444 لهجرة خاتَم رُسُلِ اللهِ وصفوة خَلْقِهِ نبيّنا مُحَمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم .. تقْطَعُ الوقتَ بسُرعة ضوء الإيمان لتكونَ بينَ يَدَي البشارة النورانية .. فتسْرحُ ببصرك وتَجُولُ ببصيرتك كأنّك تعيشها وقتَها .. يالِلَّه .. إنَّه الدين الواحد للبشَر جميعاً .. و تُراجِعُ بِذات السُّرعة الآيةَ الكريمة التي سبقتها في سورة الصَّف
( وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِۦ يَٰقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِى وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ ۚ وَٱللَّهُ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْفَٰسِقِينَ )
نعم هوَ ذا .. فَلَم يأتِ البَشر مَن أوّلهم إلى آخِرِهم .. إلى الدنيا عبَثَاً .. بل لغاية واحدة جاء بها جميعُ المُرسَلِين مِن ربّهم لِيُبيِّنوها للنَّاس ..
أنِ ( اعبدوا اللهَ مالَكُم من إلهٍ غيرُهُ ) هذا إذاً هو الدِّين الواحد .. من الرَّبِّ الواحد .. من الإله الواحد .. يسير برسالته الواحدة بِرَكب النُّور الإلهي عبر الزمان وعبر المكان فلا قديم يتغيَّر فيها ولا جديد – إلّا ما جاء في شرائع الرُّسل بما هو خيرٌ للنّاس كُلٍ بزمانهم .. والله أعلم
ولكنَّ جَوْهر الدِّين يبقى هو التوحيد الخالصُ للهِِ الخالقِ الواحد الأحد .. و عبادتِه وحدَهُ سبحانهُ لا شريك له .. على امتداد الزَّمان والمكان
وهنا على ناصية الشمال الغربي الأوروبي وفي هذا الوقت بعد أربعة عشر قرناً ونصف القرن من الزمان .. تصدح حناجرُ المؤمنين تاليةً وقارئةً لكتاب الله العزيز .. ورافعةً صوتَها مُكَبِّرَةً اللهَ تعالى وموحدةً له سبحانه .. بالأذانِ الذي كان بلالٌ مؤذِّن رسول الله محمّد صلّى الله عليه وسلّمَ يرفعُهُ في مَهْدِ الإسلام مُرتقياً إلى ظهر الكَعْبة المشرّفة في مَكَّة المُكرَّمة .. و يبثُّهُ في طاهر أجواء المدينة المُنوَّرة
إنّها الدعوة إلى عبادة الله الواحد الأحد التي دعا إليها أنبياءُ الله ورُسُلُه جميعاً .. تمتدُّ مع آخر الرسالات وخاتمَتِها .. في أصقاع الأرض ..ومع مرور الزمان .. بصفائها وقُوَّتها شاهدةً ومُبَيِّنة أنّها الدعوة الحقُّ المُنتَصرةُ بِنَصر الله الذي أيَّدَ نبيَّهُ مُحمّداً صلَّى الله عليه وسلّمَ حاملَ لواء هذه الأمانة الإلهية للإنسان و المجاهد الأوَّل فيها حقَّ الجهاد .. مثلما كان كلُّ أنبياء الله ورُسُلِه مِنْ قَبْلِه
هي إذاً عقيدة التوحيد تنتشر .. ودين الله الواحد يمتد .. إنَّه الإسلامُ آخِرُ رسالات الله على الأرض ..يسيرُ بخطِّ النُّور الذي نزَلَ مع خاتَم رُسُلِ الله محمّد صلّى الله عليه وسلّم ..إلى النّاس كافَّة .. وحتى نهاية الزمان .. مُجدّداً في قلوب المؤمنين والمُسلمين حُبَّ الله وحُبَّ رسولِهِ صلَّى الله عليه وسلّم .. ومثبّتاً ومُقَوِّياً عُروة الإيمان الوثقى في نفوسهم التي اهتدت إليه .. أو تاقَتْ إلى الاهتداء به .. أملاً بحياةٍ كريمة في الدُنيا يرتقي فيها الإنسان ويسود بِقِيَمِ العَدْلِ والحُبِّ والخير التي جاء بها المرسلون من ربّهم .. و رجاءَ حياة سعيدة في الآخرة .. يُزيِّنُها رضى الله تعالى .. وتُضيئُها رَحَماتُه ونِعَمُهُ و تَعُمُّها أفضالُهُ سبحانهُ و لا يُحَدُّ فيها جودُه جَلَّ في عُلاهُ وكرَمُه .. فالحمد لله على دينه القويم .. وأفضل الصلاة وأتمُّ التسليم على رسول الإسلام مُحمَّد .. الذي بعثَهُ الله رحمةً العالمين .. وعلى جميع الأنبياء والمرسلين
————————–
حسام الدين منصور