قالَتْ أمُّ المؤمنين عائشة رضيَ اللهُ عنها تَصِفُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلَّمَ :
((كانَ خُلُقُ نبيِّ الله صَلَّى اللهُ عَليه وسلَّمَ القرآن ))
و (( كان رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلّمَ قرآناً يمشي على الأرض ))
إنَّ شيئاً من التفكّر في حقيقة ما كان عليه رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلّمَ وهو البشَرالسَّوي .. لَيُشعِِرنا ويوصلنا إلى نتائج ومعاني وإستنتاجات وأفكارٍ تضيء لنا فَهْمَ شيءٍ مما كان عليه نبيُّنا عَلَيه الصلاةُ والسَّلام .. فكلُّ الدِّين تَجِدُهُ في حياته .. والقرآنُ الكريم ومعانيه في صَدره الشريف المنشَرِح برحمةِ اللهِ وكرَم اللهِ وأمْرِ اللهِ سبحانه وتعالى ..
حياتُه الدِّين سلوكاً ومعرفة .. كلُّ دقائق الدِّين وتفاصيل فِقهه وأصوله وأحكامه .. كلُّ عقيدة التَّوحيد وفكْرِه وروحه وسمُوِّه وحقيقتِه .. كلُّ جزئيات الشَّرع الحنيف و مَقاصده .. في كيانه وروحه وفكره ومشاعره وذاكرته صلّى الله عليه وسلَّم .. وفي طريقة عَيشه وأسلوبِ حياته وطبيعة كلِّ حركة وسكَنَةٍ فيه صَلَّى الله عليه وسلّم
أليسَ هو النبيُّ المُرسَلُ برسالة الله الخاتَمة من الله تعالى إلى العالمين ..؟
وصدقَ اللهُ العظيمُ : (( إنُ هو إلّا وحيٌ يُوحى ))
فما أعظَمَ هذا الإنسانَ النبيَّ المختارَ المصطفى من كلَّ خلق الله ومن كلِّ البَشَر ليحملَ رسالةَ اللهِ الخاتَمة .. إيماناً ووعياً كاملاً ويقيناً مُطلقاً وسلوكاً لا يشوبُهُ شائبةٌ مِن خطأ أو نحو ذلك ..
الدِّينُ في قلبه صلّى الله عليه وسلَّم و في عقيدته وسلوكه وحياته ..
إنّه قدوةُ المؤمنين والصالحين وإمامُ الأنبياء والمتَّقين على مرِّ الدهور والأزمان ..
فكيفَ يجتمع كلُّ ذلك لِبَشرٍ من البَشر وإنسانٍ من النّاس .. إن لم يكن قد حازَ صفاتِ وميِّزاتِ الكمالِ الإنسانيِّ في كلِّ وجوههِ وسماتهِ وصفاته ومعانيه ..
صَلَّى الله عليك يا سيِّدَنا يا رسولَ الله يا شفيعَ المؤمنين .. يا رؤوفٌ يا رحيمٌ بهم .. ياصَفْوَةَ الخَلْق وخَاتَمَ الأنبياء والمرسلين .. يا حبيبَ اللهِ ربِّ العالمين ..
فَلَو قدَّم لكَ أحدُهُم نُصْحاً في أمْرِ حياتك ودنياكَ .. كم تتوقُ لِسَماعه وتَتَّبعُ دروسَهُ ومحاضراتِه وأقوالَه وربَّما تُعجب به و بمقاله .. ومع الوقت ترتاحُ له و تحبّ كلامَهُ .. ! بل يَدخُلُ في أجواء مشاعرك الطيِّبة وتشعرُ أنَّك تُحبّه وتُسَرُّ لِلقائه .. ولو عبر الإنترنت ..!
فماذا لو كان هذا – الإنسانُ – يَحرصُ عليكَ ليسَ فقط جسماً صحيحاً .. وطعاماً مفيداًوشراباً مغذِّياً و دواءً .. بَلْ يأخذُ بيدك لِطُمأنينة قلبكِ وسكينة نفسك .. وإلى سعادة روحِكَ ليسَ في دنيا منتهية فانية بل في الدنيا والآخرة الخالدة الباقية ..
ماذا لو كانَ نبياً رسولاً .. بل خاتَمَ أنبياء الله و رُسُلِه للعالمين صلّى الله عليه وسلَّم .. وهو الذي يدلُّكَ على طريق نجاتِك وراحتِك وسعادتِك في الدنيا وفي الآخرة ..؟
كيف تكونُ لَهُ لَو أَنْصَفْتَهُ في نَفْسكَ وعرفتَ قَدْرَهُ وقَدْرَ ما جاءَ به من ربِّه ..؟
لاشكَّ أنكَ ستقول معي .. إنَّهُ لَِمن الغُبنِ الشَّديد أن أسْهُوَ عَنْهُ وعَنْ دَعْوَته لِمَا يُحييني ..
( إذا دعاكم لما يُحييكم )
وأنْ أتذَكَّرَ سواهُ حتى وَلَو كانَ يَنقُلُ لي فوائد للجسم والنفس ..؟
غُبنٌ لِنفسي أنْ أبحثَ عن الخير فلا يكونُ نبيُّ الله ورسولُه أولَّ من أجدهُ أمامي .. !
أو أنْ أبحثَ عن الفائدة الحَقَّة لِكلِّ شَيء في دُنياي وآخرتي ولا أراهُ فيَّ وفي نفسي ودراستي وعملي .. و في تفاصيل عقيدتي وديني ..!
خسارةٌ وغُبنٌ لنفسي أن أكون مُسلماً مؤمناً ولا يكونُ حُبُّ الله وحبُّ رَسوله صلَّى الله عليه ِ وسلَّم ربيعَ قلبي ونورَ صدري ونبراسَ حياتي ..
غُبنٌ لنفسي أن أكونَ مُسلماً مؤمناً ولايكونُ عليه أزكى صَلاة وسَلام .. قُدوتي وقائدي إلى رضا الله تعالى والفَوْزِ بِجنّتهِ ومَغْفِرتِهِ ورحمتِهِ يَومَ الدِّين بإذنِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم ..
==========================================================
حسام الدين منصور
حُرِّر في 7 شوال1444 / 27 نيسان 2023