أنظرُ إلى زهراتٍ كالزنابقِ صفراءَ زاهية ..تميسُ مع النسيم فوق بساطٍ من العشب الأخضر الفتّان ..
سبحان الله ….مشهدٌ يُريح النَّفس ويبعثُ فيها على الإبتهاج الشفيف..إبتهاجٌ يدعوك لتلهجَ باسم الله وتُسبّحَ البديعَ الحكيم ..
أرأيتَ إلى هذا النَّظر وذاك الشُّعور اللطيف وإحساسِكَ فوق هذا بجمال خَلْق الله وروعة إبداعه .. فهو ذا شكلٌ من أشكال التأمُّل الذي تَنفُذُ معه إلى فؤاد الناظرِ والمستمتع بما يرى.. ومضاتُ فكرٍ أو إشراقات وعي وإيمان بقدرة الرحمن وبديع صُنعه وإعجاز خَلْقه
ولعلّ للمكان الذي تتأمّل فيه دافعٌ أكيدٌ في ذلك . كما لو كنتُ على ربوة خضراء تحيطُ بكَ الأشجارُ والأنهارُ وتتراقص أمام عينيك زهراتٍ يداعبها نسيمٌ عليل .. فكيف لو جاء ذلك في وقتٍ كالفَجر أو بدايات الضحى أو عنْدَ الأصيل .. ؟! فللوقت الذي تكون فيه متأمّلاً متبصّراً رونَقٌ لا شكَّ فيه أيضاً يبعثُ على التأمّل وسِباحة الفكر في النظر إلى آلاء الله والتبصّر بآياته المعجزات الباهِرات
لا يختلف إثنان على إئتلاقِ النفس مع المكان البهي المترع بحلاوة ظلاله وألوانه ..والوقت الشاعريّ الأخّاذ بصفائه وحُسنه ونقائِهِ وجمالِه
فللنّفس مع هذا سَرَحات وتبصّرات وللرّوح تأمّلاتٌ وتجلّيات .. ترفعُ من سويَّة المرءِ بالخُلُقِ والسجايا وتزيدُه في الإيمان قوة وطمأنينةً بما تمدُّه من فِكَر ٍ وعطايا .. بفضل الله ورحمته سبحانه
أرأيتَ إلى ذلك كُلّه ..يكون معكَ في رمضان ..وأنت صائمٌ لله شفيف النفس ..طريّ المزاج نديّ الروح ..؟
ماذا تظُنُّك تشعر وتُحسّ وأين ستطير وتُحلّق..؟
متعةُ العبادة وأنت في عبادة ..كأنّما هي شيء مختلف حُسناً وطعماً وحلاوة .. التأمّل عبادةٌ للفكر تزهو بك وترقى وأنتَ في عبادة الصيام أكثرَ فأكثَر ..لما فيه من نقاء داخلي وسموٍ وِجدانيّ كما قلنا و كما تعلم .. وماذا إذاً وأنت في عباداتك في رمضان .. صلاتُكَ وقيامُك .. ذكْرُكَ لله في جَهرك وخَلواتك ..قراءتُك للقرآن وتدبّرك وتلاوتك .. بَذْلُكَ للمال صدقَةً طاهرة مطهِّرة .. عملك الخير عموماً في كلّ أوجه الخير ومجالاته التي تكادُ لا تنتهي ..من السلام إلى الإطعام إلى العَفو والصَّفْح والإحسان إلى عون القريب ونُصرة المظلوم وغوث المحتاج وصِدْق القول وأمانة العمل ..إلى إلى إلى ..
فمع ما لكلّ عبادة لله مُخلصة .. من روعةٍ ومُتعةٍ وسعادةًٍ للنفس فيها .. وإبتهاجٍ للرّوح في ربيعها وزهورها و .. ثمارها .. فهذه السعادة وهذا الإبتهاج و تلكَ المتعةُ تزيدُ حلاوة وتفيضُ ألَقاً .. و ترقى درجة .. وبإذن الله تتضاعف أجراً وثواباً وأنتَ صائم عابدٌ لله طائعٌ له في الصيام
فهل تذوّقتَ معنى الطّاعة الآن .. و طعمَ حلاوتها ال – زِيادة -.. في رمضان ..؟
حسام الدين منصور