ومضةُ من أنوار الحديث

في حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلَّم : يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ((

اللافتُ هنا لو تمعّنا قليلاً في الحديث الشريف لوجدنا بفضلِ الله تعالى ومضةَ فَهم لحقيقةٍِ من حقائق الصّوم ومعنىً من معانيه وثمراته .. وكيف يكون هنا كمُعين بإذن الله على قطع الشهوة وعلى غضِّ البصر وحفظ الفرج ..

فإنقطاعُ الشابِّ عن الطَّعام والشَّراب في أثناء الصيام وهي حلال عليه – من وجوهها الشرعية – بدون صيام .. يُزَكِّي نفسَهُ ..ويُربِّي عندهُ قوَّة الإرادة .. و يُعَوِّدهُ على الصبر والتّحمّل بالتَّالي لترك المحرّم عليه في الصيام أو في غير الصيام ..أي ما يتعلّق خاصةً بالشهوة هنا .. فَيصيرَ الإبتعادُ عنه من باب أولى ..

ويمكن أن ينسحبَ هذا على مقاومة إغراءاتِ الشيطان المختلفة عموماً ..بالثبات وقوة الإيمان ..والتّعوّد على رفضها .. ممّا يربّي النفس ويقوّيها لرفض أيِّ وسوسة شيطانية فيها فساد ومعصية .. بل وحتى التغلُّبِ على الوساوس المُزعجة للإنسان التي تُضعفه وتجعلهُ متردداً وخائفاً وتُبعدُه عن اليقين وتُفسِدُ عليه سكينةَ نفسِه وطمأنينتَها ..

فعندما أقول – وأنا صائمٌ – لا للطعام والشَّراب طاعةً لله وحده .. وعندما أقول -عموماً – لا للنَّظرة الحرام .. ولا لِسَماع ما يُفسد ولا لقول ما يُسيء ولا لِعَمَلِ ما ينهى عنهُ ربُّنا تعالى .. تقوى عزيمةُ نفسي وتصلُبُ إرادتُها وتُربَّى على رفض الوساوس الشيطانية أيّاً كانت .. وعندها يعرف الشابُّ المؤمن والمؤمنُ عامّةً معنى وطَعْمَ حلاوةِ الإيمان التي بشَّرنا بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الشريف

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني عن ربه عز وجل :

((النظرة سهمٌ مسموم من سهام إبليس من تركها من مخافتي أبدلتُه إيماناً يجدُ حلاوتَه في قلبه ))

أخرجهُ الطَّبَراني عن ابنِ مسعود رضيَ اللهُ عنه

ولعلَّكَ تجدُ معي أنَّ حلاوة الإيمان هنا .. قوة … حلاوة الإيمان.. إرادة .. حلاوة الإيمان .. نصرٌ له طعم العِزَّة.. حلاوة الإيمان ..رضىً و رجولة وبطولة ..

وأنَّ لِحلاوة الإيمان .. طَعمَ الخشية من الله ..وطَعْمَ طاعةِ الله ..وطَعْمَ طَلَب رضى الله ورحمة الله وتوفيق الله وتأييد الله .. وعون الله سبحانه .. لكَ على الخير .. طَعْمَ الإستبشارُ بالثواب والأجر العظيم من الله تعالى بفضلِهِ وكرمِه .. فضلِ وكرمِ الله أنْ عمِلتَ بما به أمر سبحانهُ .. وانتهيتَ عمّا عنه نَهى تباركَ وتعالى ..

والله أعلم ..

فهل ستَتَذوَّق أيها الشاب القوي .. أيّها المؤمنُ طعمَ هذه الحلاوة ..؟

حسام الدين منصور

Scroll to Top